السياسة الخارجية الامريكية لادارة أوباما فيما يتعلق بالشرق الاوسط اسم على مسمى (Game-Changing Diplomacy).. في خطاب تنصيبه كرئيس وجه النداء التالي للعالم الاسلامي : (To the Muslim world, we seek a new way forward, based on mutual interest and mutual respect. To those leaders around the globe who seek to sow conflict, or blame their society’s ills on the West, know that your people will judge you on what you can build, not what you destroy).. وبالعربي (ايها العالم الاسلامي : سنسلك طريق جديد للتقدم بعلاقتنا معكم للأمام , مبنية على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل .. اما الذين ينشدون الصراع ويحملون الغرب المسؤلية عن العلل التي تعاني منها مجتمعاتهم فليعلموا ان شعوبهم ستقيم اعمالهم و مواقفهم بما بنوا وليس ما دمروا) .. هذه السياسة تتكون من ثلاث عناصر :
1) تطوير وتقوية تعاون عالمي
2) بناء دعم شعبي امريكي محلي
3) خلق رافعة للتفاوض
هذه السياسة وضعت قيد التطبيق منذ اللحظة الاولى : فمراسل العربية (هشام ملحم) كان يحاول ان يجري مقابلة مع السيناتور (جورج ميتشل) عندما عرض عليه (البيت الابيض) اجراء اول مقابلة مع الرئيس الجديد , واعطيت هذه السياسة في حينها اسما وضربت لكم مثلا لعلكم تعقلون
http://www.huffingtonpost.com/steve-clemons/al-arabiyas-game-changing_b_161434.html
بالاضافة الى خطاب القاهرة , اضافت مثالا عمليا (للذين يسمعون القول فيكررون نفس اللازمة) فأرسلت الى لبنان ثلاثة رسل بالوضوح والشفافية لعل الليبانيز يتقون , فكل من نائب الرئيس (جو بايدن) ووزيرة الخارجية (هيلاري كلينتون) والسفير الامريكي في بيروت قرأوا من صفحة واحدة وما بدلوا تبديلا : (يا لبانيز : لا فضل ل(14) على (8) , ولا ل (8) على (14) عندنا , فاذا انتخبتم (14) فهذا ما لدينا وكلكم تتحملون العاقبة , واذا انتخبتم (8) فهذا ما لدينا وكلكم تتحملون العاقبة , فاذهبوا الى صناديق الاقتراع فانتم الطلقاء)
عالم اليوم متسارع في كافة الاتجاهات (الواقعية والخيالية) , فالثابت في مكانه "وعلى موقفه" متقهقر لا محالة , والحقيقة الواقعية (Virtual) اقوى من الحقيقة المادية (Physical) .. فضيحة (أبو غريب) مثلا تعادل هزيمة المانيا بالحرب العالمية الثانية (والكلام هنا لفيلسوف المحافظين : Philip Bobbitt) .. و(جمال الايرانيات) وضع بعض الخيارات بشأن الملف النووي في سياق آخر مختلف كليا (فتصوير العراق في مخيلة الشارع الامريكي كخطر نووي محتمل كان عامل اساسي في حشد التأييد لهذه الحرب , منافس اوباما على الرئاسة "جون مكين" وحتى "هيلاري كلينتون" لوحوا بهذا الخيار اثناء الحملات الانتخابية , في حين تمايز عنهم اوباما "سياسة انفتاح" .. عندما نجح الشعب الايراني بفرض انتفاضته التي اعقبت تزوير الانتخابات على شاشات الاعلام حول العالم , كان اوباما يوازن بين كافة الخيارات وكانت المعارضة "المحافظين" تدفع باتجاه برنامجها "جون مكين" .. ولكنها لم تتجاوز ال (35%) .. فال (65%) كان موقفهم "أنى لنا ان نقصف بالنووي هؤلاء الجميلات" .. فقبل ذلك كان الجمهور يشاهد حشودا مستعرة غضبا تهتف "الموت لامريكا" والنجاد يتجول بين براميل مرسوم عليها جمجمة وعضمتين ؟!)
الهولوكوست حتى لو افترضنا انه لم يحدث بالمطلق , فالحقيقة الواقعية (Virtual) لها حضور راسخ رسوخ الجبال , فمعظم الكتابات عنه في اطار انساني وضد الجريمة اكثر من المجرم , والكتابات (على اهميتها) ليست المصدر الاساس لهذه الحقيقة الواقعية , ماذا عن الافلام "عمليا السينما جزء من التاريخ الامريكي والمصدر الاول له" .. والاهم من هذا وذاك في اي اطار , الفيلسوفة اليهودية (حنه آرندت) كانت مراسلة (النيويورك تايمز) اثناء محاكمة (ايخمان) والفت كتاب بهذا الخصوص فيما بعد كاشفة وهن ولا اخلاقية ربط الهولوكوست بقيام اسرائيل , والحقيقة الواقعية التي اوجدها النجاد تتحرك بالاتجاه المعاكس فهو عمليا يعزز ارتباط قيام اسرائيل بالهولوكوست ويعطي ذلك اخلاقية مضطردة
ابتدأ رئيس تحرير (TIME) مقالتة عن (الانتخابات الايرانية الاخيرة) : (لم اجلس في مكتبي كالبقية مجترا صحافة اسرائيلية , بل قررت ان اقوم بجولة في المنطقة ..), الاسلامي (د.ابراهيم حمامي) ضيف دائم في مدونة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية (فيلكا) وبرنامج (الاتجاه المعاكس : الجزيرة) ويمثل دائما وجهة النظر التي يصوت المشاهدون لصالحها في بداية الحلقة بما يزيد عن (90%) ويقوم اسلوبه على فرد قصاصات صحفية امامه وتوجيه ما فيها كسلاح ضد خصمه , ومرجعه المفضل (هآرتس) التي ترتقي الى مكانة (الكتاب المقدس) لدى السواد الاعظم من صناع الرأي العام العربي (تعبئة وحشدا)؟!
اسرائيل من الرواد في ركوب موجة العولمة والاستفادة القصوى منها (فأحد سيناريوهات الضربة المحتملة لضرب المشروع النووي الايراني تقوم على انطلاق (الاف 16) من كردستان , وهي تدير طرفي الصراع في سيرلانكا منذ 1948 كأستثمار لتطوير صناعتها الحربية , ومن المشاركين الرئيسيين لتحويل اللاجئين الافغان في باكستان الى اداة استنزاف في الحرب الباردة , وهي المنشىء والمسلح والمدرب لجيش تحرير بلوشستان .. وهلم جرا)
وصف اللوبي الاسرائيلي برنامج اوباما (خطاب القاهرة) بالحمق والزبالة وتحرك منذ اللحظة الاولى لاحتواءه , على مساحة العالم المفتوحة في ظل تقوقع عربي بالاختلاف على الكلمات دون اي تحرك يذكر .. خطاب اوباما ينطوي على عنصرين هامين
1) الانفتاح على العالم الاسلامي لتشكيل رافعة توازن الخلل المترسخ "التسليم العربي بانحياز امريكا لاسرائيل دون اي تحرك عملي يذكر لفهم هذا الانحياز وآلياته في الطريق لتعديله"
(2) ادارة الصراع العربي - الاسرائيلي باتجاه ايجابي , طالما حله ما زال مستعصي في المدى المنظور "اي تحسين الظروف وتخفيف حدة الصراع لتوفير الارضية لحله على المدى البعيد"
ما يميز الموقف العربي هو الثبات في عالم متحرك ومن الطبيعي ان تتخذ الحركة ديناميكية داخلية هابطة , منذ اللاآت الثلاثة الى جبهة الممانعة مرورا بجبهتي (الرفض) و(الصمود والتصدي) .. والاخطر من كل ذلك انحراف الصراع من (فلسطيني - اسرائيلي : حيث يكون للفلسطينيين اوراق ضغط عملية "قرارات الشرعية الدولية" ورافعة عالمية "فالمستفيد الوحيد من التعويم العربي ثم الاسلامي هو اسرائيل "باظهار نفسها كضحية في توازن غير متكافىء") الى (اسرائيلي - عربي) وأخيرا (اسرائيلي - اسلامي)؟!
على الطرف الآخر , سواء كان الانقسام الاسرائيلي شمولي (يسار - يمين) او داخل كل معسكر (متطرف - معتدل) فانه يتمتع بديناميكية صاعدة : اقترح (اوباما) وقف التوسع العمودي في المستوطنات كخطوة اولى ووضع كامل ثقله خلف ذلك , الخطوة التالية تعتمد على نتيجة الخطوة الاولى , فنحن نتحدث عن (Game-Changing Diplomacy) , هنا (اذا لم يدرك العرب حتى الآن علاقة الوزن بالحركة "قوانين نيوتن" فهذه مشكلتهم , التي من الحمق ان يلقوا بالمسؤولية عنها على الغرب "الآخر" كما اخبرهم اوباما في اليوم الاول الذي اصبح فيه رئيسا؟) .. في مواجهة طرح اوباما تشكلت داخل اسرائيل حركة تدور حول محورين :
1) موقف (ليبرمان) : الذي يعتبر طرح اوباما تطهير عرقي وابادة لليهود , فوقف التوسع العمودي في المستوطنات يعني عمليا منع اليهود من التوالد , فالمواليد الجدد بحاجة الى مساكن ومدارس وحدائق , ولذلك لم تتوانى النهايات الاكثر تطرفا عن اتهام اوباما بمعاداة السامية (وفي حين اعتبر الخطاب العربي الامر "طرفة" فان هذا الاتجاه لم يفوت لحظة في حقن الرأي العام الامريكي بالتعاطف فلأوباما خصوم محليين لن يفوتوا هكذا فرصة , وعلى اوباما ان يأخذ ذلك بالحسبان عند اتخاذ الخطوة التالية؟)
(2) موقف (نتنياهو) : نحن نقدر موقف راعي عملية السلام والامن العالمي , ولا نشكك بنواياه وصدقة , وعلى اتم الاستعداد للتعامل مع ما طرحة بموضوعية , ولكن عندما يدخل اي منكم دكان ويأخذ ربطة خبز من على الرف فانه يتوقف عند المحاسب ليدفع ثمنها قبل ان يغادر , فما نطالب به هنا من طبيعة الاشياء , واذا كان المحتاج لربطة الخبز عاجز عن دفع الثمن , فلا مانع لدينا ان يقوم بذلك (اخوه) او (ابن عمه) .. وبما ان (الفلسطينيين) المحتاجين لهذا الخبز وليس لديهم ما يقدموه بالمقابل , فلا مانع لدينا ان يسدد الثمن اخوانهم العرب والمسلمين .. لست بحاجة لأن تكون اكاديمي او مهتم بالسياسة هنا : فكما لهذا الموقع اقسام ككل عمل اعلامي في العالم (سياسة , فن , آراء ..) فكل صحيفة اسرائيلية خصصت ل (الخطر الايراني) قسما(وعلى هذا قس) .. موقف العالم الاسلامي (شعوبا وحكومات) من (المأساة الفلسطينية) طبيعي جدا جدا , ولكن أسلمة الصراع بادخال (ايران) دون غيرها من الدول الاسلامية في المعادلة, ان لم يرفضه الفكر البدهي , فتلك مصيبة ؟؟!! .. فمصر وسوريا ولبنان والعمق العربي كمستوى ثاني بأمكانهم صياغة المد والجزر في هذا الصراع بقرارات شرعية دولية , أما في حالة ايران فحتى حزب الله وحماس لا يستطيعان الاتيان بأي تصريح علني لتغطية هذا الأمر ؟؟!! .. فحالة ايران هنا تعويم مجرد بالمطلق للصراع .. وأدخالها ما هو الا تمييع وتصفية على حساب التحرير والحل معا
أجمع المحللون الاستراتيجيون والسياسيون ان اسرائيل حققت اهدافها العسكرية والاستراتيجية أثناء العدوان على غزة مطلع العام , ولكنهم توقفوا عند الثمن : فوجدوا ان اسرائيل فشلت فشلا ذريعا في تجنب ايقاع خسائر بشرية ومدنية وهذه الخسارة توازي , ان لم تتجاوز (في عصر العولمة) ما حققته من مكاسب .. استطاعت اسرائيل احتواء هذه الخسارة بدعم لا يستهان به من (المنتصرين سلفا مهما كانت النتائج على ارض الواقع) .. الى ان جاء تقرير (ريتشارد جولدستون) , فأهميته تكمن في نقطتين كما أشار (ريتشارد فولك) :
1) انه يعتبر اسرائيل وحماس شركاء "وقضية شاليط تواطؤ" مما فوت على الشريكين احتواءه بمقولة (مساواة الضحية بالجلاد) كل في مجال نشاطه الاعلامي (الدعائي)
2) ان (ريتشارد جولدستون) ليس يهودي فقط , بل صهيوني ايضا وهذا يفوت على اسرائيل استخدام اكثر اسلحتها نجاعة في هكذا حالة (معاداة السامية)
http://www2.ohchr.org/english/bodies/hrcouncil/specialsession/9/docs/UNFFMGC_Report.pdf
http://www.transnational.org/Area_MiddleEast/2009/Falk_GoldstoneReport.html
هذا التقرير ليس مزعج فحسب , بل مرعب لأسرائيل , فشكلت غرفة عمليات وفعلت كل اذرعها (العولمة) حول العالم لاحتواءه , وكان من الطبيعي ان تكون (محاولة احتواءه) محور كلمة نتنياهو في الامم المتحدة التي استخدم فيها ما اثاره (النجاد) من تعاطف (عالمي) مع اسرائيل (الهولوكوست) لمقايضته مع ما يمكن ان تثيره حقائق التقرير من تداعيات .. اما عباس فقد نجحت اسرائيل في موقعته وشله منذ البداية , فلم تتتوقف الاعلاميات العربية عند كلمته (مهما كانت؟!) فما بالك بالاعلام العالمي
لقي (محمود عباس) اهتماما اعلاميا جانبيا اسؤا من الاهمال , فقد أثارت (هآرتس) موضوع اطروحته لنيل شهادة الدكتوراه , ويا للعجب كان موضوع الاطروحة (الهولوكوست) ؟!! .. وعلى الرغم من ان اطروحة عباس تؤكد ان الهولوكوست جريمة بحق اليهود والانسانية .. فقد تم شق (الفلسطيني) الى شقين وسحقه تحت اقدام نجوم اللحظة ورجال الساعة (نتنياهو والنجاد) .. وللتاريخ علينا ان نسجل لمندوبة فلسطين انسحابها اثناء القاء نتنياهو لكلمته , كموقف للضحية المغلوبة على أمرها
http://www.youtube.com/watch?v=A4ashyoYV8Q
نشر الاعلام على نطاق واسع قصة النشاط (النووي) في قاعدة للحرس الجمهوري الايراني قرب قم , وسواء اراد ام لا , لم يكن بامكان اوباما عدم التطرق للموضوع في كلمته , مما اعطى الموضوع الساخن اصلا , رافعة أعلى , غطت على تعمد البيت الابيض جمع (نتنياهو وعباس) لاعطاء القضية الفلسطينية اولوية ورافعة قبل ذلك بيومين , وفي الحقيقة قرأ عباس الموقف الامريكي جيدا وحاول جهده الاستفادة منه ولكنه وشعبه تم تجاهلهم بالمطلق :
http://graphics8.nytimes.com/packages/flash/newsgraphics/2009/0928-slug/BasicStepper.swf
http://www.reuters.com/article/worldNews/idUSTRE58O5HI20090925
بدأ نتنياهو كلمته : (بالامس وقف الرئيس الايراني على هذا المنبر ينفث عداء للسامية , وقبلها ببضعة ايام كرر ادعاءه ان الهولوكوست كذبة ...) واسهب عارضا صورا وخرائط وشهادات لم تنشر من قبل , مشككا باخلاقية الامم المتحدة نفسها بسماحها له بدخولها , وصولا الى (التحدي الملح الذي يواجه الامم المتحدة هو منع ايران من الحصول على التكنولوجيا النووية) ؟؟
في الاخبار الاسرائيلية وحول العالم يظهر النجاد كخطر مدجج بالاسلحة النووية , ولكن في التحليلات الاستراتيجية الصورة والواقع مختلف تماما , فرئيس الموساد السابق (افراهام هاليفي) يرى فيه (هدية ربانية لاسرائيل) فهو يوحد العالم خلفها بخطابه (العدواني) المتهور , مقدما لاسرائيل خدمات استراتيجية عظيمة , ويختم (لن تنجح الموساد في هذا الزمان في زرع شخص كالنجاد وفي هكذا موقع مهما حاولت) .. واحد المستشارين الامنيين ل (ايهود اولمرت) اخبر (TIME) : يرتكب المتشددون في اليمين الاسرائيلي خطأ فادحا اذا اعتبروا ايران خطر على الوجود الاسرائيلي , ما تقوم به ايران على ارض الواقع خلق صورة لنفسها على الساحة الدولية كقوة عظمى , وهي في الواقع نمر من ورق , وتقوم بذلك لتخدير واخفاء مشاكلها الداخلية المتفاقمة
http://www.haaretz.com/hasen/spages/1013182.html
http://www.time.com/time/world/article/0,8599,1826310,00.htm
l
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق