لا فرق ان كنا ألفنا او نقلنا فالاختراع والاكتشاف أمر واحد وكلاهما تقدما في العلم , وما ألفناه ونحن فتية على مقاعد الدراسة : أن موسى وعيسى ومحمد (عليهم السلام) كانوا جالسين في حلقة بحث وعلم وحوار تاريخي وفلسفي واجتماعي وسياسي عندما مرت فتاة فائقة الجمال .. بعد تداول الامر قرروا ان لا ينزلقوا الى اساليب فتية المدارس في التنافس في خطب ود الفتاة , واستقر الامر على الاحتكام للنرد .. رمى موسى فاذا بها (5) , ورمى محمد فكانت (6)؟؟؟!! .. واخيرا رمى عيسى ..... فاذا بها (7) ... صاح الآخرين ضاحكين او مستنكرين (لافرق) : لم نتفق على السماح بالمعجزات ؟!
في الحقيقة كانت (حليمة) بنت الدهان اليتيمة الأم مصدر الهام هذه الطرفة التي لا يعرف لها مؤلف كألف ليلة وليلة و(اكتشاف الصفر).. ولا ادري لماذا لا يقدر هؤلاء الأفاضل (أساليب فتية المدارس) مع اننا تجاوزنا ال (7) الى المالانهاية , فأنا واحد من كثير امضيت ساعات لا تحصى مستمعا لمزاعم اختي وبطولاتها الساذجة لكي احصل على شذرة من (سيرة حليمة).
في كتابه (THE CLASH OF FUNDAMENTALISMS) يخصص الباكستاني (طارق علي) أقل من (5) صفحات من (352) صفحة للتعريف بأصل الديانة الاسلامية لينتقل الى تحليل الوضع الراهن .. طبعا لا يمكن ان نصل الى تعريف (جامع مانع) بخمسة أو مليون صفحة , فالمسألة دائما حجم ونوعية الانتقائية التي تخدم البحث , وفي هذا فاءن الباحثين سواسية كأسنان المشط في ان (أي منهم لا يستحق الهالة المقدسة = الصوابية المطلقة)
الثابت أن لغة العلم والتجارة في المجتمعات "الاسلامية" بقيت اليونانية والرومانية والفارسية حتى عهد عبدالملك بن مروان (بعد مئة عام على وفاة محمد (ص)) , والثابت ايضا ان ذلك كان نهاية الفتوحات الاسلامية وان سكان هذه الاقاليم تحولوا الى الاسلام (سلما) على مدى اربعة قرون من التعايش والتفاعل و(المخاض) , وما قام به عبدالملك هو جعل لغة الدولة والتجارة (العربية) فأصبح اتقان العربية وسيلة للعيش والارتقاء (وظيفة) وفي هذا العصر كان (الطبري : الفارسي الأصل) مثلا .. من الطبيعي ان لا تصبح العربية لغة العلم والتجارة بجرة قلم عبدالملك , ومن الطبيعي ان تتأثر النصوص بأهواء وجدلية التذكر والنسيان (الانتقاء) لدى الرواة والناقلين عند تدوينها , ومن الطبيعي في ظل الارتقاء الحضاري ان يولد (علم الجرح والتعديل) و (علم الرجال) و(علم الاجتماع : ابن خلدون) و (الترجمة والتعريب) لمقاربة النص , ومن الطبيعي ان تتشكل (مؤسسة) للنص حول انقسامات سياسية في السياق الاجتماعي (المذهب)
اطروحة (جمال البنا) على (عموميتها وتطرفها) تعتبر مدخل لمقاربة النص وسبر اغواره دون (عصابية وادعاء "صوابية" مسبقة) والأهم من ذلك عدم التمترس حول ما نتوهم انه (اثبات او دحض) مطلق , فالنص الاصلي (التراثي) هو نص مفتوح لاعمال العقل واحدث ادوات البحث العلمي فيه (الاركيولوجيا قطعت شوطا طويلا في التراث الاسلامي بأيد "غير مسلمة" وبما يثري ثقافة مجتمعات غير اسلامية للأسف) .. وماذا عن اطروحة (الشعر الجاهلي) لطه حسين : أما آن الاوان لنوفي لهذا الضرير حقه بتقدير ما اكتشف ؟ وقد وصلت احدث الابحاث العلمية الى ما وصل اليه
بالاضافة للأسطرلاب والصفر , ابن سينا والرازي , التعقيم والمستشفى , طواحين الهواء وقنوات الري , ابن خلدون واسامة بن منقذ , الغزالي وابن رشد .. اثرت الحضارة الاسلامية تاريخ العالم بألف ليلة وليلة والرومي والخيام (فنقد "الاسلام السياسي" يجب ان يتمركز حول عقمه وجفافه وخلوه من الابداع) .. فالابداع العربي يبدأ ب (كان يا ما كان , في قديم الزمان , وسالف العصر والاوان) وكذلك الايراني الاسلامي (يكي بود , يكي نا بود : كان شخص ولم يكن شخص) .. اي مقابلة عقدة قائمة بعقدة موازية (بعيدة جدا "عربيا" وغير موجودة "ايرانيا") وذلك لتحقيق الفائدة (التعليم , التهذيب , شحذ الخيال ..) دون اثارة حساسية (فحتى "علي شريعتي" كان ذلك قائما وفاعلا في الوجدان الاسلامي : "كمرجعية قريبة") , فالتاريخ الاسلامي (الديني والتشريعي والعلمي والفلسفي والسردي ..الخ) هو قصة (سواء كانت تميل قاب قوسين او ادنى الى الواقع او سابحة في آفاق الخيال) والاشكالية الآن عندما تسمع ريما ان (طير الحمام سيذبح) لا تنام , بل تقفز من الفراش وعيونها تقدح شررا .. (فالخطاب العربي المعاصر "حتى اكثره سلاسلة" يتقطر عنفا)... اسألوا (شوقي ابو شقرا) ومؤلفاته
http://www.youtube.com/watch?v=NhgdCGu8-10
(((السيدة كلما أزهر الصباح
مستديرة نقية، فلا براعم في الرمال
ولا تنتمي الى بستان الفاكهة.
وصفراء الاصفرار وأغلى الذهب
ودينار من الخليفة
وشرهة تظل تشعل الموقدة¡
والطبخة لا تموت على النار.
ودست العرس يغلي
والضيوف لعلهم يشبعون من المنظر
من الفرن والرغيف.
ولا قدماها قدمان
وتنجو من عذاب الكرسيّ.
ولا تزحف ولا تطير الى القصر
ولا حلى في الأذنين¡
ولا عيدان مستطيلة في الأنف
ولا معلّقات وعنقها خال من الزيف.)))
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق