قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ |
بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ |
فَتُوْضِحَ فَالمِقْراةِ لَمْ يَعْفُ رَسْمُها |
لِمَا نَسَجَتْهَا مِنْ جَنُوبٍ وشَمْألِ |
تَرَى بَعَرَ الأرْآمِ فِي عَرَصَاتِهَـا |
وَقِيْعَـانِهَا كَأنَّهُ حَبُّ فُلْفُــلِ |
كَأنِّي غَدَاةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلُـوا |
لَدَى سَمُرَاتِ الحَيِّ نَاقِفُ حَنْظَلِ |
وُقُوْفاً بِهَا صَحْبِي عَلَّي مَطِيَّهُـمُ |
يَقُوْلُوْنَ لاَ تَهْلِكْ أَسَىً وَتَجَمَّـلِ |
وإِنَّ شِفـَائِي عَبْـرَةٌ مُهْرَاقَـةٌ |
فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ |
كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَـا |
وَجَـارَتِهَا أُمِّ الرَّبَابِ بِمَأْسَـلِ |
إِذَا قَامَتَا تَضَوَّعَ المِسْكُ مِنْهُمَـا |
نَسِيْمَ الصَّبَا جَاءَتْ بِرَيَّا القَرَنْفُلِ |
فَفَاضَتْ دُمُوْعُ العَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً |
عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِي مِحْمَلِي |
ألاَ رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِـحٍ |
وَلاَ سِيَّمَا يَوْمٍ بِدَارَةِ جُلْجُـلِ |
ويَوْمَ عَقَرْتُ لِلْعَذَارَي مَطِيَّتِـي |
فَيَا عَجَباً مِنْ كُوْرِهَا المُتَحَمَّـلِ |
فَظَلَّ العَذَارَى يَرْتَمِيْنَ بِلَحْمِهَـا |
وشَحْمٍ كَهُدَّابِ الدِّمَقْسِ المُفَتَّـلِ |
ويَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْـزَةٍ |
فَقَالَتْ لَكَ الوَيْلاَتُ إنَّكَ مُرْجِلِي |
تَقُولُ وقَدْ مَالَ الغَبِيْطُ بِنَا مَعـاً |
عَقَرْتَ بَعِيْرِي يَا امْرأَ القَيْسِ فَانْزِلِ |
فَقُلْتُ لَهَا سِيْرِي وأَرْخِي زِمَامَـهُ |
ولاَ تُبْعـِدِيْنِي مِنْ جَنَاكِ المُعَلَّـلِ |
فَمِثْلِكِ حُبْلَى قَدْ طَرَقْتُ ومُرْضِـعٍ |
فَأَلْهَيْتُهَـا عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُحْـوِلِ |
إِذَا مَا بَكَى مِنْ خَلْفِهَا انْصَرَفَتْ لَهُ |
بِشَـقٍّ وتَحْتِي شِقُّهَا لَمْ يُحَـوَّلِ |
ويَوْماً عَلَى ظَهْرِ الكَثِيْبِ تَعَـذَّرَتْ |
عَلَـيَّ وَآلَـتْ حَلْفَةً لم تَحَلَّـلِ |
أفاطِـمَ مَهْلاً بَعْضَ هَذَا التَّدَلُّـلِ |
وإِنْ كُنْتِ قَدْ أزْمَعْتِ صَرْمِي فَأَجْمِلِي |
أغَـرَّكِ مِنِّـي أنَّ حُبَّـكِ قَاتِلِـي |
وأنَّـكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَـلِ |
وإِنْ تَكُ قَدْ سَـاءَتْكِ مِنِّي خَلِيقَـةٌ |
فَسُلِّـي ثِيَـابِي مِنْ ثِيَابِكِ تَنْسُـلِ |
وَمَا ذَرَفَـتْ عَيْنَاكِ إلاَّ لِتَضْرِبِـي |
بِسَهْمَيْكِ فِي أعْشَارِ قَلْبٍ مُقَتَّـلِ |
وبَيْضَـةِ خِدْرٍ لاَ يُرَامُ خِبَاؤُهَـا |
تَمَتَّعْتُ مِنْ لَهْوٍ بِهَا غَيْرَ مُعْجَـلِ |
تَجَاوَزْتُ أحْرَاساً إِلَيْهَا وَمَعْشَـراً |
عَلَّي حِرَاصاً لَوْ يُسِرُّوْنَ مَقْتَلِـي |
إِذَا مَا الثُّرَيَّا فِي السَّمَاءِ تَعَرَّضَتْ |
تَعَـرُّضَ أَثْنَاءَ الوِشَاحِ المُفَصَّـلِ |
فَجِئْتُ وَقَدْ نَضَّتْ لِنَوْمٍ ثِيَابَهَـا |
لَـدَى السِّتْرِ إلاَّ لِبْسَةَ المُتَفَضِّـلِ |
فَقَالـَتْ : يَمِيْنَ اللهِ مَا لَكَ حِيْلَةٌ |
وَمَا إِنْ أَرَى عَنْكَ الغَوَايَةَ تَنْجَلِـي |
خَرَجْتُ بِهَا أَمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنَـا |
عَلَـى أَثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّـلِ |
فَلَمَّا أجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وانْتَحَـى |
بِنَا بَطْنُ خَبْتٍ ذِي حِقَافٍ عَقَنْقَلِ |
هَصَرْتُ بِفَوْدَي رَأْسِهَا فَتَمَايَلَـتْ |
عَليَّ هَضِيْمَ الكَشْحِ رَيَّا المُخَلْخَـلِ |
مُهَفْهَفَـةٌ بَيْضَـاءُ غَيْرُ مُفَاضَــةٍ |
تَرَائِبُهَـا مَصْقُولَةٌ كَالسَّجَنْجَــلِ |
كَبِكْرِ المُقَـانَاةِ البَيَاضَ بِصُفْــرَةٍ |
غَـذَاهَا نَمِيْرُ المَاءِ غَيْرُ المُحَلَّــلِ |
تَـصُدُّ وتُبْدِي عَنْ أسِيْلٍ وَتَتَّقــِي |
بِـنَاظِرَةٍ مِنْ وَحْشِ وَجْرَةَ مُطْفِـلِ |
وجِـيْدٍ كَجِيْدِ الرِّئْمِ لَيْسَ بِفَاحِـشٍ |
إِذَا هِـيَ نَصَّتْـهُ وَلاَ بِمُعَطَّــلِ |
وفَـرْعٍ يَزِيْنُ المَتْنَ أسْوَدَ فَاحِــمٍ |
أثِيْـثٍ كَقِـنْوِ النَّخْلَةِ المُتَعَثْكِــلِ |
غَـدَائِرُهُ مُسْتَشْزِرَاتٌ إلَى العُــلاَ |
تَضِلُّ العِقَاصُ فِي مُثَنَّى وَمُرْسَــلِ |
وكَشْحٍ لَطِيفٍ كَالجَدِيْلِ مُخَصَّــرٍ |
وسَـاقٍ كَأُنْبُوبِ السَّقِيِّ المُذَلَّــلِ |
وتُضْحِي فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِراشِهَـا |
نَئُوْمُ الضَّحَى لَمْ تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضُّـلِ |
وتَعْطُـو بِرَخْصٍ غَيْرَ شَثْنٍ كَأَنَّــهُ |
أَسَارِيْعُ ظَبْيٍ أَوْ مَسَاويْكُ إِسْحِـلِ |
تُضِـيءُ الظَّلامَ بِالعِشَاءِ كَأَنَّهَــا |
مَنَـارَةُ مُمْسَى رَاهِـبٍ مُتَبَتِّــلِ |
إِلَى مِثْلِهَـا يَرْنُو الحَلِيْمُ صَبَابَــةً |
إِذَا مَا اسْبَكَرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْـوَلِ |
تَسَلَّتْ عَمَايَاتُ الرِّجَالِ عَنْ الصِّبَـا |
ولَيْـسَ فُؤَادِي عَنْ هَوَاكِ بِمُنْسَـلِ |
ألاَّ رُبَّ خَصْمٍ فِيْكِ أَلْوَى رَدَدْتُـهُ |
نَصِيْـحٍ عَلَى تَعْذَالِهِ غَيْرِ مُؤْتَــلِ |
ولَيْلٍ كَمَوْجِ البَحْرِ أَرْخَى سُدُوْلَــهُ |
عَلَيَّ بِأَنْـوَاعِ الهُـمُوْمِ لِيَبْتَلِــي |
فَقُلْـتُ لَهُ لَمَّا تَمَطَّـى بِصُلْبِــهِ |
وأَرْدَفَ أَعْجَـازاً وَنَاءَ بِكَلْكَــلِ |
ألاَ أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيْلُ ألاَ انْجَلِــي |
بِصُبْحٍ وَمَا الإصْبَاحُ منِكَ بِأَمْثَــلِ |
فَيَــا لَكَ مَنْ لَيْلٍ كَأنَّ نُجُومَـهُ |
بِـأَمْرَاسِ كَتَّانٍ إِلَى صُمِّ جَنْــدَلِ |
وقِـرْبَةِ أَقْـوَامٍ جَعَلْتُ عِصَامَهَــا |
عَلَى كَاهِـلٍ مِنِّي ذَلُوْلٍ مُرَحَّــلِ |
وَوَادٍ كَجَـوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُــهُ |
بِـهِ الذِّئْبُ يَعْوِي كَالخَلِيْعِ المُعَيَّــلِ |
فَقُلْـتُ لَهُ لَمَّا عَوَى : إِنَّ شَأْنَنَــا |
قَلِيْلُ الغِنَى إِنْ كُنْتَ لَمَّا تَمَــوَّلِ |
كِــلاَنَا إِذَا مَا نَالَ شَيْئَـاً أَفَاتَـهُ |
ومَنْ يَحْتَرِثْ حَرْثِي وحَرْثَكَ يَهْـزَلِ |
وَقَـدْ أغْتَدِي والطَّيْرُ فِي وُكُنَاتِهَـا |
بِمُنْجَـرِدٍ قَيْـدِ الأَوَابِدِ هَيْكَــلِ |
مِكَـرٍّ مِفَـرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِـرٍ مَعــاً |
كَجُلْمُوْدِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلُ مِنْ عَلِ |
كَمَيْتٍ يَزِلُّ اللَّبْـدُ عَنْ حَالِ مَتْنِـهِ |
كَمَا زَلَّـتِ الصَّفْـوَاءُ بِالمُتَنَـزَّلِ |
عَلَى الذَّبْلِ جَيَّاشٍ كأنَّ اهْتِـزَامَهُ |
إِذَا جَاشَ فِيْهِ حَمْيُهُ غَلْيُ مِرْجَـلِ |
مَسْحٍ إِذَا مَا السَّابِحَاتُ عَلَى الوَنَى |
أَثَرْنَ الغُبَـارَ بِالكَـدِيْدِ المُرَكَّـلِ |
يُزِلُّ الغُـلاَمُ الخِفَّ عَنْ صَهَـوَاتِهِ |
وَيُلْوِي بِأَثْوَابِ العَنِيْـفِ المُثَقَّـلِ |
دَرِيْرٍ كَخُـذْرُوفِ الوَلِيْـدِ أمَرَّهُ |
تَتَابُعُ كَفَّيْـهِ بِخَيْـطٍ مُوَصَّـلِ |
لَهُ أيْطَـلا ظَبْـيٍ وَسَاقَا نَعَـامَةٍ |
وإِرْخَاءُ سَرْحَانٍ وَتَقْرِيْبُ تَتْفُـلِ |
ضَلِيْعٍ إِذَا اسْتَـدْبَرْتَهُ سَدَّ فَرْجَـهُ |
بِضَافٍ فُوَيْقَ الأَرْضِ لَيْسَ بِأَعْزَلِ |
كَأَنَّ عَلَى المَتْنَيْنِ مِنْهُ إِذَا انْتَحَـى |
مَدَاكَ عَرُوسٍ أَوْ صَلايَةَ حَنْظَـلِ |
كَأَنَّ دِمَاءَ الهَـادِيَاتِ بِنَحْـرِهِ |
عُصَارَةُ حِنَّاءٍ بِشَيْـبٍ مُرَجَّـلِ |
فَعَـنَّ لَنَا سِـرْبٌ كَأَنَّ نِعَاجَـهُ |
عَـذَارَى دَوَارٍ فِي مُلاءٍ مُذَبَّـلِ |
فَأَدْبَرْنَ كَالجِزْعِ المُفَصَّـلِ بَيْنَـهُ |
بِجِيْدٍ مُعَمٍّ فِي العَشِيْرَةِ مُخْـوَلِ |
فَأَلْحَقَنَـا بِالهَـادِيَاتِ ودُوْنَـهُ |
جَوَاحِـرُهَا فِي صَرَّةٍ لَمْ تُزَيَّـلِ |
فَعَـادَى عِدَاءً بَيْنَ ثَوْرٍ ونَعْجَـةٍ |
دِرَاكاً وَلَمْ يَنْضَحْ بِمَاءٍ فَيُغْسَـلِ |
فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحْمِ مِن بَيْنِ مُنْضِجٍ |
صَفِيـفَ شِوَاءٍ أَوْ قَدِيْرٍ مُعَجَّـلِ |
ورُحْنَا يَكَادُ الطَّرْفُ يَقْصُرُ دُوْنَـهُ |
مَتَى تَـرَقَّ العَيْـنُ فِيْهِ تَسَفَّـلِ |
فَبَـاتَ عَلَيْـهِ سَرْجُهُ ولِجَامُـهُ |
وَبَاتَ بِعَيْنِـي قَائِماً غَيْرَ مُرْسَـلِ |
أصَاحِ تَرَى بَرْقاً أُرِيْكَ وَمِيْضَـهُ |
كَلَمْـعِ اليَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّـلِ |
يُضِيءُ سَنَاهُ أَوْ مَصَابِيْحُ رَاهِـبٍ |
أَمَالَ السَّلِيْـطَ بِالذُّبَالِ المُفَتَّـلِ |
قَعَدْتُ لَهُ وصُحْبَتِي بَيْنَ ضَـارِجٍ |
وبَيْنَ العـُذَيْبِ بُعْدَمَا مُتَأَمَّـلِ |
عَلَى قَطَنٍ بِالشَّيْمِ أَيْمَنُ صَوْبِـهِ |
وَأَيْسَـرُهُ عَلَى السِّتَارِ فَيَذْبُـلِ |
فَأَضْحَى يَسُحُّ المَاءَ حَوْلَ كُتَيْفَةٍ |
يَكُبُّ عَلَى الأذْقَانِ دَوْحَ الكَنَهْبَلِ |
ومَـرَّ عَلَى القَنَـانِ مِنْ نَفَيَانِـهِ |
فَأَنْزَلَ مِنْهُ العُصْمَ مِنْ كُلِّ مَنْـزِلِ |
وتَيْمَاءَ لَمْ يَتْرُكْ بِهَا جِذْعَ نَخْلَـةٍ |
وَلاَ أُطُمـاً إِلاَّ مَشِيْداً بِجِنْـدَلِ |
كَأَنَّ ثَبِيْـراً فِي عَرَانِيْـنِ وَبْلِـهِ |
كَبِيْـرُ أُنَاسٍ فِي بِجَـادٍ مُزَمَّـلِ |
كَأَنَّ ذُرَى رَأْسِ المُجَيْمِرِ غُـدْوَةً |
مِنَ السَّيْلِ وَالأَغثَاءِ فَلْكَةُ مِغْـزَلِ |
وأَلْقَى بِصَحْـرَاءِ الغَبيْطِ بَعَاعَـهُ |
نُزُوْلَ اليَمَانِي ذِي العِيَابِ المُحَمَّلِ |
كَأَنَّ مَكَـاكِيَّ الجِـوَاءِ غُدَّبَـةً |
صُبِحْنَ سُلافاً مِنْ رَحيقٍ مُفَلْفَـلِ |
كَأَنَّ السِّبَـاعَ فِيْهِ غَرْقَى عَشِيَّـةً |
بِأَرْجَائِهِ القُصْوَى أَنَابِيْشُ عُنْصُـلِ |
الاثنين، 12 أكتوبر 2009
امرؤ القيس
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق